نقص الفيتامينات: أمراض صامتة وعلاجها يبدأ من طعامك

اكتشف الأدوار الحيوية التي تلعبها الفيتامينات في الحفاظ على توازن الجسم وأدائه الفسيولوجي. نستعرض في هذا المقال بشكل مفصّل أعراض نقص كل فيتامين وتأثيرها على صحتك، مع تسليط الضوء على أفضل الأغذية الطبيعية التي تعوّض هذا النقص بفعالية. كما نقدم نصائح علمية وعملية لتعظيم امتصاص الفيتامينات من الطعام، ومقارنة واضحة بين فوائد الغذاء الطبيعي والمكملات الصناعية، لمساعدتك على بناء نظام غذائي متوازن يعزز طاقتك ويقوي مناعتك (تابع القراءة ◄)

orange fruit slices on yellow surface
orange fruit slices on yellow surface

المقدمة: الفيتامينات جوهر الحياة في جسد الإنسان

مع تسارع وتيرة الحياة وتعدد الانشغالات ما بين العمل والتنقل والسفر، أصبحنا نعيش يوميات مزدحمة بالكاد نجد فيها وقتاً لإعداد وجباتٍ صحية. فاستبدلنا الطبخ في المنزل بوجبات جاهزة وسريعة التحضير، غالباً ما تكون منخفضة القيمة الغذائية ومحدودة الفوائد. وفي ظل هذا النمط الغذائي الفقير، تزداد أهمية الحصول على الفيتامينات والمعادن الأساسية، للحفاظ على توازن الجسم وصحته، إذ لا يمكن الاستغناء عنها لضمان قيام الجسم بوظائفه الحيوية بكفاءة واستقرار.

الفيتامينات هي "العمال الصامتون" داخل أجسامنا؛ تُحفّز إنتاج الطاقة، تدعم عمليات النمو، تقوّي الجهاز العصبي والمناعي، وتجدد الأنسجة وتحمي من الأمراض المزمنة. ورغم أهميتها، لا يستطيع الجسم إنتاجها بكميات كافية، ما يجعل الاعتماد على مصادر غذائية طبيعية أو مكملات مدروسة أمراً حيوياً للحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية.

مكانة الفيتامينات في الهرم الغذائي

في التصنيفات الغذائية المعاصرة، تحتل الفيتامينات موقعاً محورياً ضمن العناصر الدقيقة (Micronutrients)، وهي بكل تأكيد لا تقل أهميتها عن الكربوهيدرات أو البروتينات أو الدهون. وعلى الرغم من أن الجسم يحتاجها بكميات صغيرة، إلا أن تأثير نقصها قد يكون كبيراً وخطيراً، مسبّباً أعراضاً وأمراضاً لا حصر لها مثل الإرهاق، تساقط الشعر، ضعف التركيز، اضطرابات المزاج، وحتى هشاشة العظام والعضلات.

ولضمان الحصول على هذه العناصر الدقيقة، يوصى خُبراء التغذية والاخصائيون الصحيون باتباع نظام غذائي متنوع يشمل الفواكه والخضروات الطازجة، الحبوب الكاملة، المكسرات، ومنتجات الألبان، مما يضمن تزوّيد الجسم بجميع الفيتامينات الضرورية لتعزيز المناعة، وتحفيز عمليات الاستقلاب، ودعم الصحة الذهنية والجسدية.

أنواع الفيتامينات: بين الذوبان في الدهون والماء

تصنّف الفيتامينات إلى مجموعتين أساسيتين حسب طريقة امتصاصها وتخزينها داخل الجسم:

أولاً: الفيتامينات الذائبة في الدهون (Fat-Soluble Vitamins)

ويتم امتصاص هذه الفيتامينات مع الدهون، وتُخزَّن في الكبد والأنسجة الدهنية، ما يجعلها متاحةً للجسم عند الحاجة. إلا أن الإفراط في تناولها قد يؤدي إلى تراكمها بتركيزات سامة.

أبرزها:

- فيتامين A ضروري للرؤية وصحة الجلد والمناعة.
- فيتامين D يعزز امتصاص الكالسيوم ويقوي العظام والمزاج.
- فيتامين E مضاد أكسدة يحمي الخلايا ويبطئ الشيخوخة.
- فيتامين K يساهم في تجلط الدم وصحة العظام.
ثانياً: الفيتامينات الذائبة في الماء (Water-Soluble Vitamins)

هذه الفيتامينات لا تُخزَّن في الجسم، ويتم التخلص من الزائد منها عبر البول، ما يتطلب الحصول عليها يومياً من الغذاء. وهي سريعة الامتصاص والتفاعل، ونادراً ما تُسبب سمية.

أبرزها:

- فيتامين C يعزز المناعة ويسرّع التئام الجروح.
- مجموعة فيتامين B complex وتعتبر ضرورية لإنتاج الطاقة وصحة الجهاز العصبي والدماغ.

رحلة داخل عالم الفيتامينات: وظائفها، مصادرها، وتأثير نقصها

فيما يلي، نستعرض أهم الفيتامينات التي يحتاجها جسمك يومياً، ونوضح بالتفصيل دورها الحيوي، آثار نقصها، وأفضل المصادر الطبيعية للحصول عليها، إلى جانب توصيات عملية للاستفادة القصوى منها:

فيتامين D: أساس قوة العظام وداعم المناعة والمزاج
الأهمية الحيوية:

- ينظّم امتصاص الكالسيوم والفوسفور، مما يحافظ على صحة العظام والأسنان.

- يعزز جهاز المناعة، ويساعد على تقليل الالتهابات.

- يساهم في تنظيم المزاج عبر تحفيز إنتاج السيروتونين.

أعراض النقص:

- هشاشة أو لين العظام.

- ضعف العضلات والآلام المزمنة.

- المزاج المتقلب والاكتئاب الموسمي.

- ضعف الجهاز المناعي وزيادة العدوى.

أهم المصادر الغذائية:

- أشعة الشمس هي المصدر الطبيعي أساسي.

- الأسماك الدهنية مثل السلمون والسردين.

- صفار البيض، الحليب المدعم، عصير البرتقال المدعم.

التوصيات:

للحصول على أقصى فائدة: احرص على تعريض جلدك للشمس من 15 إلى 20 دقيقة يومياً، وتناول الأسماك الدهنية مرتين أسبوعياً.

ملاحظة: تشير الإحصائيات العالمية إلى أن نقص فيتامين D منتشر بشكل واسع، حيث يعاني ما يقرب من مليار شخص حول العالم من مستويات غير كافية من هذا الفيتامين الحيوي.

ننصحك بالاطلاع على مقالة المميز عن فيتامين د (شمس الصحة) من هنا
فيتامين B12 قائد الطاقة وصحة الأعصاب
الأهمية الحيوية:

- يساهم في إنتاج خلايا الدم الحمراء.

- يحافظ على صحة الدماغ والجهاز العصبي.

- ضروري لتحويل الطعام إلى طاقة.

أعراض النقص:

- فقر دم خبيث، ضعف الذاكرة، خدر في الأطراف.

- التعب المزمن، الدوخة، شحوب البشرة.

أهم المصادر الغذائية:

- اللحوم (خاصة الكبد).

- الأسماك الدهنية مثل التونة.

- البيض، الحليب، الأجبان.

التوصيات:

النباتيون معرضون للنقص بشكل خاص؛ لذا يفضل استخدام مكملات B12 أو الأغذية المدعمة مثل حبوب الإفطار. استشر طبيبك أو أخصائي تغذية قبل البدء بأي مكملات غذائية.

فيتامين B9 (حمض الفوليك): صديق الحمل ونمو الخلايا
الأهمية الحيوية:

- ضروري لتكوين الحمض النووي وانقسام الخلايا.

- يمنع التشوهات الخلقية لدى الأجنة.

- يحسن من امتصاص الحديد.

أعراض النقص:

- فقر الدم، التعب، تقلبات المزاج.

- مشاكل في نمو الجنين.

أهم المصادر الغذائية:

- الخضروات الورقية (السبانخ، الكرنب).

- البقوليات، الفول، العدس.

- الحمضيات مثل البرتقال والجريب فروت.

التوصيات:

يُنصح النساء في سن الإنجاب بتناول حمض الفوليك يومياً سواء عبر الطعام أو المكملات.

فيتامين C مضاد الأكسدة ومقوي المناعة
الأهمية الحيوية:

- يعزز إنتاج الكولاجين لصحة الجلد والأنسجة.

- يسرّع التئام الجروح ويقوي المناعة.

- يساعد في امتصاص الحديد من الطعام النباتي.

أعراض النقص:

- نزيف اللثة، ضعف المناعة.

- تأخر التئام الجروح، تعب عام.

أهم المصادر الغذائية:

- الحمضيات (الليمون، البرتقال).

- الكيوي، الجوافة، الفراولة.

- الفلفل الأحمر، البروكلي، السبانخ.

التوصيات:

يفضل تناوله طازجاً وغير مطبوخ، حيث أن الحرارة تُفقده فعاليته بنسبة تصل إلى 50%

فيتامين A حارس النظر ومجدّد البشرة
الأهمية الحيوية:

- يدعم الرؤية الليلية وصحة العين.

- يحافظ على صحة البشرة والجهاز المناعي.

- يلعب دوراً في نمو الخلايا وتكاثرها.

أعراض النقص:

- جفاف العين، ضعف النظر، التهابات متكررة.

- مشاكل جلدية مثل حب الشباب.

أهم المصادر الغذائية:

- الجزر، البطاطا الحلوة، السبانخ.

- الكبد الحيواني، البيض، الحليب الكامل.

التوصيات:

تناوله مع دهون صحية (مثل زيت الزيتون أو الأفوكادو) لامتصاص أفضل.

فيتامين E المدافع عن الخلايا وصحة القلب
الأهمية الحيوية:

- مضاد أكسدة قوي يحارب الشيخوخة الخلوية.

- يعزز صحة القلب والشرايين.

- يساهم في ترطيب الجلد ومنع الالتهابات.

أعراض النقص:

- ضعف العضلات، مشاكل في الرؤية.

- جفاف الجلد وتساقط الشعر.

أهم المصادر الغذائية:

- المكسرات (اللوز، الجوز).

- البذور (دوار الشمس، الكتان).

- الزيوت النباتية (زيت الزيتون، زيت جنين القمح).

التوصيات:

يُفضل تناوله مع وجبة تحتوي دهون صحية لتحسين الامتصاص.

فيتامين K عنصر التجلط وصحة العظام
الأهمية الحيوية:

- ضروري لتجلط الدم ومنع النزيف.

- يدعم ترسيب الكالسيوم في العظام.

أعراض النقص:

- نزيف مفرط، كدمات متكررة.

- ضعف كثافة العظام.

أهم المصادر الغذائية:

- الخضروات الورقية (السبانخ، الجرجير).

- البروكلي، الكرنب، فول الصويا.

التوصيات:

احرص على تناول الخضروات الورقية طازجة عدة مرات أسبوعياً.

فيتامين B6 لتوازن المزاج وصحة الدماغ
الأهمية الحيوية:

- يدخل في إنتاج السيروتونين والدوبامين.

- يدعم وظائف الدماغ والأعصاب.

أعراض النقص:

- تقلبات مزاجية، اكتئاب، ضعف التركيز.

- تشنجات عضلية، وخز في اليدين.

أهم المصادر الغذائية:

- الموز، البطاطا، الدجاج، التونة.

التوصيات:

تناول أطعمة B6 يومياً ضمن نظامك الغذائي المتوازن.

فيتامين B2 محرك التمثيل الغذائي وصحة البشرة
الأهمية الحيوية:

- يساهم في تحويل الطعام إلى طاقة.

- يحافظ على صحة الجلد والعينين.

أعراض النقص:

- تقشر في الشفاه وزوايا الفم.

- تعب عام وضعف في الرؤية.

أهم المصادر الغذائية:

- منتجات الألبان، البيض، اللحوم.

- الخضروات الورقية.

التوصيات:

يُفضل تناوله مع وجبة متكاملة تشمل بروتين ودهون طبيعية.

تعميق "الأمراض الصامتة": كيف يتسلل النقص؟

نقص الفيتامينات غالباً ما يبدأ بصمت، حيث لا تظهر الأعراض بشكل واضح ومباشر. يمكن أن يتطور النقص تدريجياً، مما يؤثر على الوظائف الحيوية للجسم بطرق خفية قبل أن تتفاقم المشكلة.

على سبيل المثال، قد يبدأ نقص فيتامين B12 بشعور خفيف بالتعب أو ضعف في الذاكرة، والذي قد يُنسب إلى الإجهاد اليومي. ومع مرور الوقت، يمكن أن يتطور هذا النقص ليؤثر على الجهاز العصبي، مسبباً خدراناً أو وخزاً في الأطراف، أو حتى مشاكل في التوازن.

وبالمثل، فإن نقص فيتامين D قد لا يظهر إلا كآلام عضلية خفيفة أو شعور عام بالخمول، لكنه على المدى الطويل يمكن أن يؤدي إلى ضعف العظام وهشاشتها، ويزيد من خطر الإصابة بالكسور. هذه الأعراض الصامتة تجعل من الصعب على الفرد ربطها بنقص غذائي، مما يؤخر التشخيص والعلاج.

متى يجب أن تشك في نقص الفيتامينات؟

قد تكون بعض العلامات المزمنة وغير الواضحة مؤشراً على نقص فيتامينات، وقد يغفل عنها الكثيرون. انتبه لهذه العلامات:

1. التعب المزمن والخمول: حتى بعد الحصول على قسط كافٍ من النوم.
2. شحوب البشرة أو جفافها: قد يشير إلى نقص الحديد أو بعض فيتامينات B
3. تساقط الشعر أو ضعف الأظافر: قد يكون مرتبطاً بنقص البيوتين أو فيتامينات أخرى.
4. تقرحات الفم أو تشققات زوايا الشفاه: قد تدل على نقص فيتامينات B
5. ضعف التركيز أو صعوبة في التذكر: قد يرتبط بنقص فيتامينات B أو D
6. آلام العضلات أو تشنجاتها المتكررة: قد تشير إلى نقص فيتامين D أو المغنيسيوم.
7. المزاج المتقلب أو الشعور بالاكتئاب: خاصة في فصول معينة، قد يكون مرتبطاً بنقص فيتامين D أو فيتامينات B
8. بطء التئام الجروح أو سهولة الكدمات: قد يشير إلى نقص فيتامين C أو K

إذا كنت تعاني من أي من هذه الأعراض بشكل مستمر، فمن الضروري استشارة الطبيب أو أخصائي التغذية لتحديد السبب الدقيق والحصول على التشخيص المناسب.

الجانب التطبيقي والعملي

تفاعلات الفيتامينات والمعادن: العمل الجماعي لأقصى فائدة

الفيتامينات والمعادن نادراً ما تعمل بمعزل عن بعضها البعض؛ فغالباً ما تتفاعل معاً لتعزيز الامتصاص أو تفعيل الوظائف الحيوية. إليك بعض الأمثلة الهامة:

- فيتامين C وامتصاص الحديد:

فيتامين C يعزز بشكل كبير امتصاص الحديد غير الهيمي (الحديد الموجود في المصادر النباتية). لذا، يُنصح بتناول الأطعمة الغنية بفيتامين C (مثل الفلفل، البروكلي، الحمضيات) مع مصادر الحديد النباتية (مثل العدس، السبانخ) لزيادة الاستفادة.

- فيتامين D و K2 لترسيب الكالسيوم:

بينما فيتامين D ضروري لامتصاص الكالسيوم، فإن فيتامين K2 يلعب دوراً حاسماً في توجيه الكالسيوم الممتص إلى العظام والأسنان، ومنعه من الترسيب في الشرايين والأنسجة الرخوة. هذا التآزر ضروري لصحة العظام والقلب.

- المغنيسيوم لتفعيل فيتامين D:

المغنيسيوم معدن حيوي يشارك في أكثر من 300 تفاعل إنزيمي في الجسم، وهو ضروري لتفعيل فيتامين D وتحويله إلى شكله النشط الذي يمكن للجسم الاستفادة منه. نقص المغنيسيوم يمكن أن يعيق فعالية فيتامين D حتى لو كانت مستوياته كافية.

الفئات الأكثر عرضة لخطر نقص الفيتامينات

بعض الفئات تكون أكثر عرضة لخطر نقص فيتامينات معينة بسبب عوامل غذائية، فسيولوجية، أو نمط حياة. من المهم لهذه الفئات الانتباه بشكل خاص لاحتياجاتها الغذائية:

كبار السن:

مع التقدم في العمر، قد يقل امتصاص بعض الفيتامينات (مثل B12 بسبب انخفاض حمض المعدة)، وقد يقل التعرض لأشعة الشمس (مما يؤثر على فيتامين D)، أو قد تتغير عاداتهم الغذائية. نصيحة: التركيز على الأطعمة المدعمة، وقد تكون المكملات ضرورية بعد استشارة الطبيب.

النساء الحوامل والمرضعات:

تزداد احتياجاتهن الغذائية بشكل كبير لدعم نمو الجنين أو الرضيع. حمض الفوليك، الحديد، وفيتامين D حيوية بشكل خاص. نصيحة: اتباع توصيات الطبيب بشأن المكملات الغذائية المخصصة للحمل والرضاعة.

النباتيون (Vegan):

قد يواجهون صعوبة في الحصول على فيتامين B12 (الموجود بشكل أساسي في المنتجات الحيوانية)، وأوميغا 3، والحديد، والزنك. نصيحة: الاعتماد على الأطعمة المدعمة، أو المكملات الغذائية المخصصة، والبحث عن مصادر نباتية بديلة لهذه العناصر.

المدخنون:

التدخين يؤثر على امتصاص فيتامين C ويزيد من الحاجة إليه. نصيحة: زيادة تناول الأطعمة الغنية بفيتامين C.

الأشخاص الذين يعانون من حالات سوء امتصاص معينة:

مثل مرض كرون، الداء الزلاقي (السيلياك)، أو بعد جراحات السمنة، حيث تتأثر قدرة الأمعاء على امتصاص العناصر الغذائية. نصيحة: المتابعة الدورية مع الطبيب وأخصائي التغذية لتحديد النقص وخطط العلاج والمكملات.

من يتناولون أدوية تؤثر على امتصاص الفيتامينات:

بعض الأدوية (مثل أدوية الحموضة، مدرات البول، أو بعض المضادات الحيوية) يمكن أن تؤثر على امتصاص فيتامينات معينة. نصيحة: استشر طبيبك أو الصيدلي حول التفاعلات المحتملة بين الأدوية والفيتامينات.

نصائح متقدمة للامتصاص: صحة الأمعاء هي الأساس

بالإضافة إلى تناول الفيتامينات مع الدهون أو فيتامين C لامتصاص الحديد، تلعب صحة الأمعاء دوراً محورياً في امتصاص جميع الفيتامينات والمعادن. الأمعاء السليمة، الغنية بالبكتيريا النافعة (الميكروبيوم الصحي)، تضمن بيئة مثالية لامتصاص العناصر الغذائية من الطعام بكفاءة.

نصائح آفاق 360

- تناول الألياف: الألياف الغذائية الموجودة في الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة تغذي البكتيريا النافعة في الأمعاء.

- الأطعمة المخمرة (البروبيوتيك): مثل الزبادي، الكفير، والمخللات الطبيعية، يمكن أن تساهم في تعزيز الميكروبيوم الصحي.

- تجنب الإفراط في المضادات الحيوية: استخدمها عند الضرورة فقط، لأنها قد تخل بتوازن بكتيريا الأمعاء.

(اقرأ مقالنا عن البريبيوتيك والبروبيوتيك من هنا)

تعزيز تأثير الفيتامينات على الصحة النفسية والإدراكية

بالإضافة إلى فيتامين D (الذي يؤثر على المزاج) وفيتامين B6 (الضروري للنواقل العصبية)، تلعب مجموعة فيتامينات B complex (B1, B2, B3, B5, B7, B9, B12) دوراً شاملاً وحاسماً في صحة الجهاز العصبي والدماغ. هذه الفيتامينات تعمل كعوامل مساعدة (Coenzymes) في العديد من التفاعلات الكيميائية الحيوية التي تدعم وظائف الدماغ، بما في ذلك:

1. إنتاج الطاقة:

فيتامينات B ضرورية لتحويل الكربوهيدرات والدهون والبروتينات إلى طاقة، وهي عملية حيوية لعمل الدماغ الذي يستهلك كمية كبيرة من الطاقة. نقصها يمكن أن يؤدي إلى التعب الذهني والخمول.

2. تكوين النواقل العصبية:

العديد من فيتامينات B تشارك في إنتاج النواقل العصبية مثل السيروتونين (المسؤول عن المزاج والسعادة)، الدوبامين (المرتبط بالتحفيز والمكافأة)، والنورإبينفرين (المؤثر على اليقظة والتركيز).

3. صحة المايلين:

فيتامين B12 بشكل خاص ضروري لتكوين وصيانة غشاء المايلين الذي يغطي الألياف العصبية، مما يضمن سرعة وكفاءة نقل الإشارات العصبية. نقص B12 يمكن أن يؤدي إلى تلف الأعصاب وضعف الإدراك.

4. تقليل الهوموسيستين:

ارتفاع مستويات الهوموسيستين (حمض أميني) في الدم يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وبعض الاضطرابات العصبية. فيتامينات B6، B9، و B12 تعمل معاً على تحويل الهوموسيستين إلى مواد أخرى، مما يحمي الدماغ.

5. تحسين الذاكرة والتركيز:

من خلال دعم صحة الخلايا العصبية وتحسين تدفق الدم إلى الدماغ، تساهم فيتامينات B في تعزيز الذاكرة، القدرة على التركيز، والوظائف الإدراكية العامة.

لذا، فإن الحصول على كميات كافية من مجموعة فيتامينات B complex من خلال نظام غذائي متوازن (مثل الحبوب الكاملة، البقوليات، الخضروات الورقية، اللحوم، البيض) أمر حيوي ليس فقط للطاقة الجسدية، بل أيضاً للحفاظ على صحة نفسية وإدراكية مثالية وتقليل التعب والإجهاد الذهني.

الخلاصة: صحتك في طبقك والفيتامينات هي المفتاح

ليس هناك سرّ أعظم من التوازن الغذائي في بناء صحة مستدامة. إن الفيتامينات، رغم قلةِ كميتها، تُحدث فارقاً هائلاً في كيفية شعورك وأدائك اليومي. وبينما قد تُغريك المُكملات للاعتماد عليها كمصدر أساسي للفيتامينات، إلا أنه يبقى الطعام الطبيعي الطازج هو المصدر الأكثر أماناً وفعالية.

لذا احرص على تناول أطباق ملونة، متنوعة، ومتزنة، تشمل الخضروات الورقية، الفواكه، الحبوب الكاملة، والبروتينات الصحية. وإذا احتجت مكملات، فاجعل قرارك مبنياً على استشارةٍ طبية أو توصيةٍ من خبيرٍ في التغذية. تذكّر دائماً: "صحتك تبدأ من الملعقة التي تحملها يومياً... فلتجعلها مليئة بالحياة."

الأسئلة الشائعة (FAQ)

هل أحتاج إلى اختبار دم للفيتامينات لتحديد النقص؟

نعم، في كثير من الحالات، اختبارات الدم هي الطريقة الأكثر دقة لتحديد مستويات الفيتامينات والمعادن في جسمك، خاصة إذا كنت تشك في وجود نقص أو تعاني من أعراض مزمنة. بعض الفيتامينات مثل فيتامين D وفيتامين B12 يتم قياسها بشكل روتيني، بينما قد تتطلب فيتامينات أخرى اختبارات أكثر تخصصاً. استشر طبيبك لتحديد ما إذا كنت بحاجة إلى هذه الاختبارات.

هل الجرعات العالية من الفيتامينات آمنة؟

ليس دائماً. بينما تُعد الفيتامينات الذائبة في الماء (مثل فيتامين C ومجموعة B) آمنة نسبياً بجرعات عالية لأن الجسم يتخلص من الزائد منها، فإن الفيتامينات الذائبة في الدهون (A, D, E, K) يمكن أن تتراكم في الجسم وتسبب سمية إذا تم تناولها بجرعات مفرطة. على سبيل المثال، الجرعات العالية جداً من فيتامين A يمكن أن تكون سامة للكبد، والجرعات المرتفعة من فيتامين D يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع مستويات الكالسيوم في الدم. دائماً استشر طبيبك أو أخصائي التغذية قبل تناول جرعات عالية من أي مكمل فيتامينات.

كيف يؤثر الطهي وتخزين الطعام على الفيتامينات؟

يمكن أن يؤثر الطهي والتخزين بشكل كبير على محتوى الفيتامينات في الطعام:

- الحرارة: الفيتامينات الذائبة في الماء خاصة فيتامين C وبعض فيتامينات B حساسة للحرارة ويمكن أن تتلف أثناء الطهي المطول أو في درجات حرارة عالية.

- الماء: الغليان يمكن أن يتسبب في تسرب الفيتامينات الذائبة في الماء إلى ماء الطهي، والذي غالباً ما يتم التخلص منه.

- الضوء والهواء: التعرض للضوء والهواء يمكن أن يقلل من محتوى بعض الفيتامينات مثل فيتامين A و C

- التخزين: التخزين لفترات طويلة أو في ظروف غير مناسبة يمكن أن يقلل من القيمة الغذائية للأطعمة.

نصيحة: يُفضل تناول الفواكه والخضروات طازجة قدر الإمكان، أو طهيها بالبخار أو الشوي لفترات قصيرة للحفاظ على محتواها من الفيتامينات.

هل تؤثر بعض الأدوية على امتصاص الفيتامينات؟

نعم، يمكن لبعض الأدوية أن تتداخل مع امتصاص أو استقلاب الفيتامينات. وعلى سبيل المثال:

- مثبطات مضخة البروتون (أدوية الحموضة): يمكن أن تقلل من امتصاص فيتامين B12 والحديد والكالسيوم.

- المضادات الحيوية: قد تؤثر على بكتيريا الأمعاء المنتجة لفيتامين K وبعض فيتامينات B.

- بعض أدوية الكوليسترول: يمكن أن تتداخل مع امتصاص الفيتامينات الذائبة في الدهون.

- مدرات البول: قد تزيد من إفراز بعض الفيتامينات والمعادن.

من الضروري إبلاغ طبيبك أو الصيدلي بجميع الأدوية التي تتناولها، بما في ذلك المكملات العشبية، لتجنب التفاعلات الضارة.

هل يمكن أن أتناول مكملات الفيتامينات دون استشارة؟

بشكل عام، يُنصح بشدة بعدم تناول مكملات الفيتامينات بجرعات عالية أو لفترات طويلة دون استشارة طبيب أو أخصائي تغذية مؤهل. يمكن أن يؤدي الإفراط في بعض الفيتامينات إلى آثار جانبية غير مرغوبة أو سمية، كما أن بعض المكملات قد تتفاعل مع الأدوية التي تتناولها. التشخيص الدقيق للنقص ووضع خطة علاجية مناسبة يتطلب معرفة طبية متخصصة.

ما الفرق بين الفيتامينات المتعددة والمكملات الفردية؟

- الفيتامينات المتعددة (Multivitamins): تحتوي على مزيج من الفيتامينات والمعادن المختلفة بجرعات صغيرة نسبياً، وتهدف إلى سد الفجوات الغذائية العامة في النظام الغذائي. وهي مفيدة للأشخاص الذين قد لا يحصلون على ما يكفي من العناصر الغذائية من طعامهم اليومي.

- المكملات الفردية (Individual Supplements): تحتوي على فيتامين أو معدن واحد بجرعة محددة، وتُستخدم عادة لعلاج نقص مؤكد أو لدعم وظيفة معينة في الجسم. على سبيل المثال، مكمل فيتامين D لعلاج النقص، أو مكمل الحديد لفقر الدم.

الخيار الأفضل يعتمد على احتياجاتك الصحية الفردية، والتي يجب تحديدها بالتشاور مع أخصائي رعاية صحية

المصادر والمراجع

Harvard School of Public Health - Vitamins and Minerals:

https://www.hsph.harvard.edu/nutritionsource/vitamins/

National Institutes of Health (NIH) - Office of Dietary Supplements

https://ods.od.nih.gov/

World Health Organization (WHO) - Micronutrient Deficiencies

https://www.who.int/health-topics/micronutrient-deficiencies

Mayo Clinic - Vitamin Guide

https://www.mayoclinic.org/drugs-supplements/vitamin-guide/art-20046865

Healthline - Nutrition and Supplements

https://www.healthline.com/nutritionHealthline Nutrition and Supplements

اقرأ أيضاً